لطالــما صدني الخوف عن أشياء كثيـــرة في حياتي الخوف من الخـطأ الخوف من الخروج عن حدود نشأت عليها في صغري ، من تجاوز مناطق الراحـــة لنفسي و شخصيتي إلى حدود المجهول بدافع الفضول و المغامــرة ... الخوف من تعري أسراري و عوالمي الخاصة في عشق الرجال . و كثيرا ... أخــاف من الخوف ذاتـــه . أخاف الحب ... أخاف أن أجرح مرة أخـــرى على جراحي القديمة ، و من تبعات الانفصال التي تتبعه التي لا استطــع تجاوزها بسهولة ... و لأنــي إنســان أتعلق بشدة بمــن أحب ... آثــرت الخــوف على أن أرمــي بنفسي في بئــر التأوهــات .
أحببته كما لم أحب أحــدا من قبل ، فلأول مرة يحبني أحدهم لذاتي و لحقيقتي . لم أعــرف قبله معنى الحب ؛ و لكن معه عرفت أنه الراحـة ، و القدرة على نسيان أنفسنا و الذوبان في دواخل أحدهم استئذان أو تكلف . وجدتني أحبه حب جامح ؛ كحـب فراشـة للنور ؛ فما أن رأيته حتى قلت لنفسي : "سيكـون له شـأن كبير في حياتي " . لم أعرف حينها ما هذا الشـأن الكبير ؛ هل حــب خالد ، أم جرح نازف ، أم لعــله وهم و سراب زائل ! . حين يقع الفراش في حب النور كـل ما يراه هو النــور ، و كــل ما يحسه هو النشوة و الدفء اللذان يقدمهما له النور . يقترب الفراش من النور أكثــر فأكثر ... و يحبه و يتعلق به أكــثر و أكثر . و لكن ما أن تحتضن الفراشة النور حتى تحس بدفئه يصير نارا تخترق جسدها الرقيق ... تصرخ للنـور : توقف أنت تحرقني بدلا من ان تدفئني ! . فلا تجد جوابــا ... و احترق جناحيها و جســدها ... و ما زالت تناجيـــه أن يتوقف . تداعت أرضــا ؛ و كل ما تفكــر فيه لم حين نحب بشدة نتألـم بشــدة ؟! . أحست بالذنب في حقها و حقه لأنــها لم تعرف كيف تحبه لأنها لم تهتدي للمسافة الفاصلــة التي توفــر لها الدفء لا الاحتــراق . لأنــها لم تفكـر ماذا لو تركها النور يوما ما . فقـــط ... تألمت لأنها يوما ما أحبت نورا ، و في يــوم آخــر صارت شهيدة هذا الحــب .