الجمعة، 3 سبتمبر 2010

تغـــيرت ...




البارحـة قابلت عمتي ...
عمتي التي لعبت دورا كبيرا في تنشئتي و رعايتي في سنوات عمري الأولى ، تلك السنوات التي لم أجد فيها أبي و أمي بالرغم من حضورهما في حياتي إلا أن إنشغالهما بعملهما طغى على دورهما المختص برعايتي ؛ لذا كان لها أثر مختلف في حياتي .
البارحة قابلتها و كأني لم أقابلها منذ سنوات و عقود من الزمن ، بالرغم من أني أقابلها بشكل شبه يومي ، و لكن للبارحة كان للقاءنا حديث و أثر مختلف ...
بعد الأفطار الرمضاني المعتاد في بيت العائلة 
حملت هاتفي المحمول و توجهت لأجلس على زاوية بعيدة
جلست وحيدا و انشغلت بتصفع رسائلي النصية على هاتفي ؛ حتى تركزت عيناي على رسالة أعادت لي كثير من الذكريات ؛ و هنا اختلج صدري مجددا بكم من المشاعر و العواطف من حنين و شوق إلى غضب و كــره مرورا بتساؤلات عدة أولاهن : " لمَ لم أمسح هذه الرسالة بعد من هاتفي ؟ " ... 
هنا أغلقت هاتفي و أخذت أحدق أمامي بلا تركيز ، فقط أردت أن أنعزل عن هذا الكون ، و أدخل في غيبوبتي الخاصة في عالم الذكريات .
لم أرجع لدنيا الواقع و أرضه ؛ إلا على صوت عمتي تطلب مني أخذ أحد أطباق الحلوى من يديها ؛ أرتبكت و لكنني تناولت منها الطبق .
أعتقدها سوف ترجع للجلوس مع بقية العائلة ؛ إلا أنها سألتني إذا بوسعها الجلوس معي ، و بالتاكيد رحبت بها ...
مضت الدقائق و لم يتحدث أحدنا للأخر
و أحسست برغبة فى سؤالها عن سبب رغبتها في الجلوس معي ، و قبل أن تتحرك شفتاي بالكلام فإذا بها تسألني عن أحوالي .
- فأجبتها بأني بخير ... و لم أقل شيئا أخر .
مضت لحظات بلا كلام أو حديث ...
- فوجدتها تتحدث مجددا تقول : " في الواقع إن السبب الذي جعلني أجلس معك هو أن أمك قد أشتكت لي منك " .
و هنا شدني حديثها أكثر فقلت لها : " أشتكت مني ؟ و لماذا ؟ "
- فأجابت : " هي تشتكي أنك أصبحت منعزلا بل أكثر انعزالا من قبل ، و أصبح شرودك واضحا للجميع ، و أنا أضيف بأنك تغيرت تماما عن الأنسان الذي عهدناه " .
- " تغيرت ؟ أنا لا أفهم "
- " نعم تغيرت ، ألا تنظر لحالك و شكلك ؟ فلقد أصبحت كالشبح يسير بيننا ، لا يتكلم و لا يشارك ، و هنا وضعت يدها على على يدي و قالت : " هل تواجهك مشكلة ما في حياتك ؟ "
- نظرت ليدها بطرف عيني و قلت : لا أبدا أنا لا أعاني من أي مشكلة .
و صمتنا للحظات أخرى .....
-  فقالت لي : " يا ابني ، منذ صغرك و أنا أحس بأنك مختلف عن أخيك في تصرفاتك و إهتماماتك و حتى في تعاملك مع الناس ، و دوما استشعرت بأنك تخفي الكثير ، و لم أسالك مراعاة لمشاعرك و لكن أنت أصبحت في سن و في مرحلة من حياتك أصبح صمتك محيرا ، و انعزالك مريبا ، لن أضغط عليك بالأسئلة الآن ، و لكن إن شعرت بأي رغبة في الحديث و الإفصاح عما بصدرك فأنا بمقام أمك و فياليتك تأتي إلي " .
و هنا وجدتها تقف و تذهب بعيدا عني ...
لم أتكلم و لم أنفعل ، فقط إنسابت مني دمعة ؛ أسرعت في مسحها خوفا من أن يراها أحد ما ...
لم لم أرد عليها و لم أبرر حالي
و لكن ماذا عساي أقول لها ؟؟
هل لأني أحببت و تألمت ؟
أم أن مثليتي أصبحت تؤرق حياتي ؟ .
أو أن إحساسي بأني بلا هوية أو هدف في الحياة أصبح هاجسي ؟
و لعله إحساسي بتلاشي أحلامي في خضم الحياة و واقعيتها ؟ .
أم لعلها سحابة عابرة ، حالة مؤقتة ، أحساس متقلب و سوف تزول جميعها بعد حين ؟ .
و لكن السؤال الأهم الذي سطع لي فطغى نوره على باقي تساؤلاتي
ألا و هو ... هل تغيرت ؟؟؟